الثلاثاء، 4 أغسطس 2015

شنگال ..
بازار الموت 


عنوان مجموعتي القصصية عن الفرمان الاسود 3.8.2014

قصة أم حسن
القصة رقم ( 4 )
ام حسن كانت وحيدة ، تعيش بين ضجيج الهموم، وانين البكاء و لهيب الأحزان ,
منذ ان استشهد ابنها الوحيد قبل أعوام في حرب الخليج كأن كل ينابيع الألم و الحزن تصبت في جسدها
قسى عليها الزمن كثيراً، و لم ترحمها سنوات العقد السابع من عمرها فكست التجاعيد محياها ،تقوس ظهرها و ثقل سمعها باتت لا تسمع جيدا , أطبقت الوحدة أنيابـها على ما تبقى من عمرها، و روحها تنصهر في موقد الحياة و وجه ٌ شاحب مثل مصباح ٍ يوشك على الانطفاء , تسكنُ بيتاً صغيراً متهالكاً و لا احد يعولها ..
تعيش على مساعدات أهل الخير في القرية اللذين يتناوبون في التكفل لإطعامها ، يقدمون لها الأكل و الشراب و كل ما تحتاجه . .
ام حسن نامت مبكرة كعادتها ليلة 2.8.2014
و هي تقول ( حبيبي نةجار سةرئ خو دانه وةكي هةرجار دةركةه يةك و مةفر هزار ......)
في الصباح الباكر استيقظت و شعرت بان شيء ماء حصل في الليل فتحت الباب شمت رائحة نتنة كريهة
بدأت يداها ترتجفان و أرجلها لا تستطيعان حملها خرجت من البيت مذعورة قصدت بيت جارتها أنعام
طرقت الباب لا من مجيب ,, زاد القلق و الهلع في نفسها و بدأت تدق الأبواب باباً تلو الآخر والأبواب لا تفتح وراءها
مضت مهرولة بين حارات القرية الضيقة لم يبقى باباً لم تقصده . جميعها موصده .
ذهبت الى ساحة القرية فكانت خالية تماماً لا وجود للأطفال .. لا انسٌ و لا جن ’ عادت متعثرة الخطوات الى أزقة القرية و بدت مرتبكة مرعوبة قلقة تنظر حولها بعيون خائفة ملأ بالدموع ، باحثة عن احد لكن لا احد غير المجهول وقفت حائرة لا تصدق ما تراهُ و لا تعرف ماذا تفعل يا خودا ...
توقفت عقارب الزمن .. توقفت الحياة هنا في شنگال يا خودا .. يا خودا ما الذي يحدث هنا
هل هذه حقيقة أم حلم من أحلامي الغريبة أيعقل ان يكون كابوساً !!
و هل كل أهل القرية يحلمون مثلي هذا الحلم السخيف ، انهارت قواها الذهنية وقعت أرضاً ثم عادت تجر قدميها ببطءٍ شديد و نهضت متثاقلة ترتجف أطرافها فأخذت أحجاراً ترجم بها الأبواب و تكسر الشبابيك
افتحوا لي الأبواب اخرجوا يا أيها الناس لا أريدُ منكم طعاماً .. و لا مالاً .. لا أريدُ منكم شيئاً اخرجوا .. اخرجوا , ظلّت تصرخ بصوتٍ هادر صرخةٌ تهتزُ من هَولِها الجبالُ’ رددت الأبواب صداها و كأن تلك البيوت قد تحولت الى قبور مجهولة
بدت القرية خالية و مهجورة وكأنها قرية الأشباح لا شيء فيها غير ضجيج الصمت ,,
و لم تمضي سوى ساعات حتى دخلت سيارة همر الى ساحة القرية
فهرولت العجوز باتجاه السيارة لتطلب منهم المساعدة و النجدة فاذا برجلٍ اسود يخرج و هو يرتدي زيّاً أفغانياً , ماذا تفعلين هنا أين كنتِ ؟ لم تفهم شيئاً
فقال الله اكبر محدقاً الى السماء فوهة بندقيته صوبها باتجاه المسكينة
أفرغ خزانا كاملا برأسها بمباركة الله
وافرغ معه حقده و غله ، فانطلقت الرصاصات نحوها
فأسدِل السّتار على آخر أيّام عُمرها .....

سردار حجي مغسو
( أنا صاحب هذي البلاد كلها ، حتى الشمس ملكي )
من مجموعتي القصصية (شنكال .. بازار الموت )



القصة رقم ... ( 5 )

كان يمشي حافياً .. بالكاد رجلاهُ ترفعانهُ من على الأرض الجرداء
يواجه المسير بطريق الموت ،و شمس يتساوى فيها اﻻبيض و اﻻسمر ...
شمسٌ يتمت في كنفها اﻻلوان ، كل شي داكن تحت أجنحة اللهب و عواصف اﻻتربة الساخنة
كهل ,
كان يحمل جبل الوجعِ على كتفيه ِ
استوقفتهُ بجانب الطريق
لما أنت حافي القدمين يا عم؟
رفع حاجبهُ ببطء
و قال الأرض جاعت يا بُني فالتهمت حذائي ,
ثم أصابتهُ قشعريرة فانتفض جل جسده المنهك
لدرجة تقاطر على قميصي بضع من عرقهِ المتصبب من خصلات شعره و جبهته المليئة بأودية الزمن السحيق التي شقت وجهه ...
وشرعتُ بالسؤال
من أنت ؟
قال مستغربا _
ألا تعرفني ؟
- : كلا
ثم تنهد قليلاً و اخذ أنفاساً عميقة جداً
قلتُ في قرارة نفسي :
ااااه .. كم من الوجع تخفي يا رجل !!
و استجمع كامل قواه , و أزال عن حبال صوتهِ قمصان البكاء
قال و هو يلوح بيده
أنا .. أنا صاحب هذي البلاد كلها ، كلها
ملك الملوك !
سيد هذه القصور !
السماء لي !
و الأرض لي
! حتى الشمس ملكي
و تمتم بعبارات غير مفهومة بينه و بين نفسه
" المسكين شُــلّ دمـاغُـــهُ بعد هذه الأحداث... "
سأجلب لك حذاء يا عم ،
كي لا تتسخ قدميك ، انتظرني
قاطع حديثي ..
كلا ما عدت بحاجة إليه
احتفظ بهِ لنفسك كي لا يتسخ بقذارة هذه الأرض..
مشى الشيخ خطوات ...
و سار من أمامي الشيب بكبرياء و شموخ على خطى رزينة
ومضى إلى حيث لا يدري و حيث القدر وحده عليم بما ستؤول إليه الامور .

سردار حجي مغسو
شنكال .. بازار الموت 

القصة رقم ( 6 )
قصة الطفل اليتيم الذي بقيّ يومان في الجبل و نقل الى سوريا و فارق الحياة في احدى المستشفات هناك و سمي بــ " روز ئافا "
.......................................
ترك وحيدا يلتحف الوحدة بجبلٍ حجارتهُ أرق من أفئدة بني البشر
تخالجهُ أفكار بريئة ...
كانت للاحداث وقعٌ قاسِ
عمره لا زال لم يستوعب العالم
لم يدرك المعاني بعد
تساؤلات اختالت عقله لم يعهدها
لماذا قتلوا امي و ابي ؟
لماذا انا هنا .. لماذا اهرب من المناداة بالله ؟
انه لوجه الآخر من العملة البشرية ، كيف له أن يجابه الحياة؟
صراخه يعلو السماء ، كاد الله ان يستيقظ من هول صوته
انهُ :"الملاك روز ئافا"
وجدوه مرميا على الارض ممدودا بعد ان لبث ليومينِ بالجبل
نقل الى اقرب مشفى في سوريا
فتح عينيهِ القاحلتين من كثر البكاء و نظر بتمعن شديد الى كائنات غريبة سألوه ما اسمك؟
فلم يجيب !!!
و كانت دهشته كبيرة حين تيقن انه بين أيادي الإنسانية بشرا من طينته عقله الصغير تناسى كل ما حصل
بيد أن شريط الذكرى لأناس ينظرون الى السماء يحدثون شخصاً فوق السحاب بأصواتٍ مرعبة و يأمرهم بقتلِ من وجد على الارض بلا رحمة.
حينها فقط ادرك ان الرحيل ملاذه فقرر التنحي عن هذا الكوكب المميت لأنه .. لم يعد بين أضلعه شيء قابل للحياة .

سردار حجي مغسو